مسلسل حياة شيرين: الغي اشتراكي!

تحوّلت شيرين أمام عيوننا إلى بطلة مسلسل من تأليف جمهور مواقع التواصل وصحافة الفضائح.

طلاق شيرين وزواج شيرين وخطوبة شيرين... شخصيًا، لم أعد أريد أن أشارك في حفلة النميمة هذه، الرجاء إلغاء اشتراكي!

أحبّ شيرين، وصوتها، وأغانيها. أعرف أنها ربما لا تملك المهارة الكافية لحماية خصوصياتها. ولكن هل يبرّر ذلك موجات الاستباحة المتكررة لحياتها؟

اسمها ترند منذ أيام، بعد الإعلان عن خطوبتها من شخص لم يرغب الإفصاح عن اسمه.

صار الكلّ شريكًا بالبحث عن هوية خطيبها المجهول، ورأي زوجها السابق بالخطوبة. بعض المعلقين كانوا يحسبون "مدّة عدتها"!

هذه المدوّنة ليست بحثًا عن ظاهرة التطفّل على حياة المشاهير، ورغبة الجماهير بالتلصّص.

هذه المدوّنة محاولة لتفكيك مشاعري المتضاربة تجاه شيرين، وما تواجهه من تدخلات في حياتها.

أرى في قصة شيرين، نموذجًا لما تختبره كثيرات ممن يحققن نجاحًا يتجاوز "المرسوم" لهنّ كنساء، خصوصًا إن كن من طبقات فقيرة.

لم يقف في وجه شيرين شيء. أثبتت حضورها خلال عقدين من الزمن، وصعدت إلى قمة النجومية، منذ أن انطلقت مسيرتها بأغنية "آه يا ليل".

ورغم مرور ست سنوات على إصدارها آخر ألبوماتها، تتصدّر أغانيها قوائم أكثر الأعمال استماعًا على منصات وتطبيقات الأغاني.

صمدت كمطربة قوية ومحبوبة، رغم ما واجهته من صعوبات شخصية، بين زواج وانفصال، ورغم الانتقادات التي تطال تصريحاتها، ودُعاباتها المثيرة للجدل في الحفلات والمقابلات.

من منا لم ترقص على أغنية "صبري قليل"، ومن منا لم تبكِ على أغنية "ما تحاسبنيش"؟

في أغنياتها نتماهى معها، نشعر أنها تشبهنا، أو تشبه نساءً نعرفهنّ، يحتجن في لحظات الضعف إلى كتف صديقة، أو سند أخت، أو إلى حُضنٍ، وورقة محارم، لكي نبكي معًا، ونشكو همّنا.

بتنا نعرف كلّ شيء عن حياتها: أنها تعرّضت للعنف الزوجي، وللاستغلال المادي، وأن أفرادًا من أسرتها أساؤوا معاملتها، وحتى ظروف دخولها المستشفى.

كلّ "الوطن العربي" له رأي بسلوكها، بوزنها، بقصة شعرها، بملابسها، وباتت حياتها مادة للبرامج التي "تتغذّى بفضائح" الفنانين.

شيرين، كما أراها، تعشق المسرح، والغناء، وتتوق للحب. أتضامن مع شيرين وأدافع عنها لأني أشعر أنها امرأة مثلنا، عادية، نحن اللواتي لا تكون خياراتنا في الحياة دومًا "عاقلة"، لكننا نحاول.

انهمرت دموعي حين شاهدت فيديو لشيرين وهي تبكي خلال أداء أغنيتها "ما تحاسبنيش". كيف لكلّ هذه المشاعر أن تتفجر أمام المئات؟

شعرت أنها تشبهني، عندما بكيتُ على حافة الرصيف حين لمحت شخصًا يشبه حبيبي السابق الذي تخلّى عنّي.

أرانا في مرآة شيرين. كلنا انكسر قلبنا يومًا. كلنا نفتقد الدعم الحقيقي ممّن نتوقع وجودهم بجانبنا، ولكنهم خذلونا، وتركونا لنواجه العواصف وحدنا.

لستُ مشهورة، ولا أملك من المال ما تكسبه شيرين، ولكن ما أحاول قوله هو أن قصتها هي قصتي، وقصة كثيرات، بطريقة أو بأخرى.

ربما لا تهتمّ شيرين بالنضال النسوي، ولا تكترث لعبارات مثل "الأختية"، أو "تصديق الناجيات"، أو "المنظومة الأبوية"، ولكنها مثل كلّ النساء، عرضة لضغوط نعرفها جيدًا، ونختبرها كلّ يوم.

هي ضحية لـ"حساب" جماعي متواصل، يضعنا كنساء في موقع المساءلة حول حياتنا الشخصية، ولباسنا، وتجاعيدنا، ووزننا، وعلاقاتنا، ووضعنا المادي، وخياراتنا المهنية، وكلّ التفاصيل التي يفترض ألا يكون لأيّ أحد شأن بها.

أتمنّى أن تجد شيرين الحضن. أتمنّى أن تجد الصديقات اللواتي يساندنها. أتمنى أن تعرف أننا كلنا بشر ونشعر بالضياع في أحيان كثيرة، وقد لا تكون خياراتنا دومًا أفضل ما نتمناه لأنفسنا.

أتمنّى أن تكون سعيدة بخطوبتها، حقًا، وأن ينتهي الموسم الجديد من مسلسل حياتها نهاية سعيدة. أتمنى أن يتركها المتلصّصون بسلام. أتمنّى أن تصير قادرة على حماية خصوصياتها أكثر.

أتمنّى أن يأتي يوم أشاهد فيه شيرين على المسرح. سأرتدي فستاني الأسود القصير، وأضع الآيلاينر، وأحمر الشفاه، وسنغني معًا "إيه يعني غرامك ودّعني؟".

مدونتنا