خمس أفكار مخيفة قبل حقنة البوتوكس الأولى

لطالما كانت ذكرى عيد ميلادي حدثاً لطيفاً، ولكن هذا العام تبدو الذكرى ثقيلة للغاية. من ترغب في أن تستيقظ وهي تتقدم في السن إلى سنة جديدة، مع الكثير من التجاعيد والهالات السوداء، وبيجامة قديمة تحمل صورة "ميكي ماوس" كأنها من مراهقتي؟

نعم، لم أعد مراهقة، ومن المفترض أنني أنجزت حتى الآن 70 بالمئة من قائمة أهداف النساء في العشرينات. قائمة شارك في وضعها عائلتي والجيران و"أبو يزن" صاحب المتجر في نهاية الحارة ونصف المجتمع.

هذه القائمة تتضمن أن أكون متزوجة، ولدي زوج محترم وثلاثة أطفال على الأقل، وجسداً مثالياً، ومكانة اجتماعية، ووظيفة جيدة. لكن في الحقيقة، لم أحقق سوى 20 بالمئة من هذه القائمة الطويلة حتى الآن. أدركت ذلك حين رن جهاز المنبه صباحاً، قائلاً: "اليوم ستكملين عامك الخامس والثلاثين، هل أنتِ سعيدة بحالك؟.

أشارك هذه الأفكار معكِ أنتِ فقط، نعم، أنتِ، لأنني أشعر بأنه لن يكون لدى أحد الصبر لقراءة ما سيحدث في يومي الصعب هذا، إلا إذا كان لديه على الأقل ثلاث تجاعيد واضحة مثل نهر النيل، أو ربما بيجامة "ميكي ماوس" القديمة.

1- لماذا تبدو خيارات النساء محدودة؟

تسأل جارتنا الفضولية أمي: "ابنتك جميلة وذكية ولكن لماذا لم تتزوج!" ثم تحذرها بأن الوقت ينفذ، وقد لا أمتلك فرصة لإنجاب الأطفال قريباً، ثم تحثها قائلة: "شجعيها أكثر ربما تحط عقلها برأسها وتلاقي ابن الحلال"، ثم تنصحها باصطحابي معها إلى الجمعات والسهرات والأعراس وتضيف: "فلتجلس وقورة و’تعبي عمرها’ ولابدّ أن النصيب سينظر إلى وجهها في اللحظة الأخيرة".

إنها الحقيقة، كبرت في مجتمع يحرّم على المرأة الكثير من الأشياء بعد تقدّمها في السن، مثل الحب والزواج وممارسة الهوايات وتجربة أشياء جديدة، حتى ارتداء الألوان أو الضحك بصوت عالٍ. مجتمع يحاول جاهداً دفع النساء إلى حافة "سن اليأس" وإجبارهن على التصديق بأن حياتهن تتوقف في عمر معين.

أحمل حقيبتي وأغادر المنزل بينما يتراود سؤال مشاغب في رأسي: هل عليّ فعلاً الجلوس وقورة في السهرات والانتباه لحركاتي كي تناسب عمري؟ أم أن أرقص وأهزّ خصري حتى يُغمَى عليَ من التعب لأن هذا خياري؟

2- أين تختفي نظرات الإعجاب؟

لأصدقك القول، حذرتني أمي وجارتنا أم يزن وكل نساء حيّنا والحي المجاور وموظفة فرن الخبز، جميعهن، قبل سنوات بألا أرفض المتقدمين و"الخطابة"، وألا أضيع الفرص الذهبية التي تأتي في العشرين، لأنها نادراً ما تتكرر مرة أخرى. ولكن هل تختفي الفرص فعلاً كلما تقدمنا في العمر؟ وهل تختفي نظرات الإعجاب عندما نتجاوز الثلاثين من العمر؟ وهل علي فعلاً أن أندم لأنني لم أتعلم لغة كان يجب تعلمها؟ أو لأنني لم أختر الجامعة التي أدركت مؤخراً أنني أحبها؟ أو العريس "اللقطة" الذي لم أرتح له؟ أو التجارب السامة التي واجهتني؟ هل أندم لأنني لم استمتع بالحياة بشكل كافٍ؟ أم أدرك بأنني لم أكن مستعدة ربما في حينها، بل كنت بحاجة إلى عشرات التجارب حتى أعرف جيداً ما أريد؟ هل أستمر في الندم على ما فاتني من تجارب وقرارات؟ أم أمضي نحو خيارات جديدة؟:

3- ماذا عن الحب؟

سأكون واضحة معك، خياراتك في عمر الثلاثين محدودة في مجال الحب والزواج، وهذا ليس سيئاً بالمطلق. فهمك العميق لطبيعة الشريك الذي ترغبين في مشاركة حياتك معه، إضافة إلى الخبرات التي اكتسبتها، يجعلك تميزين بشكل أكبر بين الرجال. هذا الأمر قد يؤدي إلى تقليص خياراتك.

نحن معتادون في مجتمعاتنا على أن يبحث معظم الرجال عن الفتاة الأصغر، ويفضلون، بعد الثلاثين، الارتباط بفتاة عشرينية. ولكن بالطبع، هذا السيناريو لا ينطبق على النساء، اللواتي لا يجوز لهن أن يكنّ الطرف الأكبر سناً في العلاقة. قد يصبح هذا الفارق الضئيل "وصمة عار" تواجه أي امرأة ترتبط برجل أصغر منها. لكن لماذا لا يقال ذلك عندما يتزوج الرجل امرأة تصغره بعشرات السنين؟ في بعض الأحيان، يُثنى عليه وعلى مهارته، و"رجولته"، لقدرته على الارتباط بـ"فتاة صغيرة"؟ هل يمكننا أن نعتبر هذا تحيزاً ضد النساء؟ لكن من سيصغي لأفكاري هذه؟ سأوصف ككلّ سبقتني "بالنسوية المجنونة".

تقطع سلسلة أفكاري هذه إشارة المرور الخضراء. أسرع في عبور الشارع مع سؤال بتردد في رأسي: هل ينبغي لي أن أشعر بالخجل وأخفي علاقتي مع رجل أصغر سناً أم أعيش حياتي ببساطة لأن هذا خياري؟

4- كيف تظهر التجاعيد الضاحكة؟

بالمناسبة، هل ذكرت أنني متجهة إلى مركز تجميل؟ لدي موعد لحقن بعض البوتوكس في وجهي. تطمئنني الطبيبة: "لن يؤلمك ذلك، إنها وخزة حقنة خفيفة، وستحصلين بعد أسبوع على وجه خالٍ من التجاعيد".

أشاهد يومياً العديد من الفيديوهات والإعلانات التي تحث النساء على استخدام البوتوكس والسيرومات والمقشرات للحفاظ على بشرة شابة، وأهمية البدء بهذه الإجراءات في وقت مبكر للتصدّي التجاعيد التي قد تظهر على الجبين مع تعابير المفاجأة والضحك والعبوس.

أليس من الغريب أن نحاول إخفاء كل تجاربنا الشعورية السابقة؟ كأنهم يقولون: "لا تضحكي ولا تبكي ولا تتفاجئي". لا أحد غيرنا يعرف أن هذه التجاعيد ظهرت بعد تجارب لا تُحصى ولا تقدر بثمن. ربما لو لم أضحك وأبكي وأتفاجأ كثيراً طوال هذه السنوات، لاحتفظت بوجه مثالي. ولكني كنت سأخسر أفضل ما جعل منّي نفسي في النهاية.

هل يبدو الأمر وكأنني أبالغ قليلاً وأضخم المواضيع كما يقول الجميع عنا نحن النساء؟ الأمر بسيط يا هنادي، إنها فقط حقنة بوتوكس صغيرة وكل شيء سيكون بخير. أغادر العيادة وأنا أفكر: هل سأستمر في حقن وجهي بالفيلر والبوتوكس لأحافظ على معايير الجمال السائدة، أم ربما سأختار في يوم ما الاحتفاظ بتجاعيدي، لأن هذا خياري؟

5- أنا لا حبيب ولا صديق وكلب ما عندي!

أستقل سيارة أجرة حريصة على رفع رأسي للأعلى، ليس لأنني فخورة بما فعلت، بل لأن الطبيبة أكدت مراراً على ضرورة إبقاء رأسي مرفوعة للأعلى في الساعات القادمة. يصدح راديو التكسي بأغنية "لأنو أنا لا حبيب ولا صديق وكلب ما عندي!"، هذه ليست مجرد أغنية رائجة، إنها الجملة التي تضحكنا أنا وصديقاتي، عندما نريد التعبير عن خيباتنا العاطفية بعد تجاوزنا الثلاثين.

ولكن إذا أردت التحدث بموضوعية في هذا اليوم العصيب، فلا بد أن أعترف أن سن الثلاثينيات لم يكن سيئاً بالمطلق، إذ لدي الكثير من الأفكار والهوايات والرياضات والتجارب التي أعيشها كل يوم. لدي عائلة داعمة والكثير من الأصدقاء. أنظر إلى محل بيع الحيوانات الأليفة وأتساءل هل أشتري كلباً أو قطة؟ أو ربما ببغاء يكرّر لي بعض الجمل اللطيفة كل صباح مثل Ya Baby.

يكاد اليوم ينتهي، أستقبل اتصالاً اعتيادياً من أمي التي تطمئن أنني قريبة من المنزل. بالطبع، أتوقع احتفالاً روتينياً دافئاً مع كعكة ميلاد صنعت في المنزل والكثير من حب العائلة. لكنني سأحاول التنكر بهيئة فتاة متفاجئة، تتظاهر بنسيان ذكرى ميلادها.

أطلب من سائق الأجرة رفع صوت الأغنية، وأغني معها بصوت عالٍ غير مبالية بفقدان نتائج البوتوكس، فلا أهمية لأي من ذلك، بما أن هذا سيكون خياري.



 

مدونتنا