ياسمين عز والعودة إلى زمن "الجاهليّة"
حسناً ياسمين يكفي! إن كان الهدف هو ركوب الترند فها أنت ذا تحصدين أكثر من مليون متابع على صفحتك الرسمية ! والسبب التحريض على العنف ضد النساء، فهل تتوقفين اليوم لطفاً؟ لم يعد هذا أمراً عادياً، فلنتخيّل مثلاً لو كانت إحدى الناجيات من العنف الزوجي جارة ياسمين عزّ ؟ هل تتجاهل ياسمين صوت استغاثة إحدى النساء في حيّها؟هل تعتبر حقاً أن ما يحدث أمرًا طبيعيًّا؟ حسناً سؤال آخر ماذا لو تعرضت ياسمين عز للعنف الأسري؟ هل كنا سنصمت؟ ماذا تعرف ياسمين عن نساء العالم، تحديدًا نساء بلادها؟ أسئلة كثيرة راودتني حين قررت الكتابة عن "ياسمين".
لم نكن نعرف ،"ياسمين" حتى خرجت علينا في تصريحها الشهير في بداية العام الماضي لتدافع عن عريس قام بضرب زوجته يوم زفافهما ضرباً مبرحاً فور خروجها من صالون التجميل، القضية التي عرفت بـ "عريس الإسماعيلية". علّقت "ياسمين" على الحادثة بالقول أن "ضرب الحبيب زي أكل الزبيب"، وأن الزوجة وافقت على استكمال الزواج بعد تعدّي زوجها عليها لأنها "بنت ناس وأصيلة" ولأن الرجل "هو هدية ربنا على الأرض."ولكن بعد حملة الهجوم التي تعرضت لها بسبب تصريحها ذاك، لدرجة إصدار بيان من المجلس القومي للمرأة، يُعلن رفضه لما قيل على لسان المذيعة ،اعتذرت وبررته بأن التعبير خانها وأكدت أن العريس لن يكرر فعلته تلك مجدداً. لم يكن مستغرباً أنه فعلها مرات أخرى،ربما الأكثر غرابة كان استكمال "ياسمين" بإطلاق تصاريح مشابهة وبشكل مستمر حتى هذه اللحظة. حيث حوّلت برنامجها كلام الناس إلى برنامج يُحرّض على المرأة ويهمّش دورها لا بل أكثر، يحرّض على تعنيفها.
تستطيع "ياسمين" بفضل نضال آلاف النساء اليوم أن تخرج باللباس الذي تريده وأن تظهر على شاشة يشاهدها كامل الوطن العربي وترفع صوتها دون أن يقمعها أحد، ولكنها تريد منا نحن النساء أن نصمت! أن نبقى في المنزل تحت أمر سي السيد و"الفرعون الكبير والصغير والأمير"، ماذا تريد ،”ياسمين”؟ أعرف كم من الغريب تناول هذه الظواهر في كتاباتنا ولكن قد يصبح الأمر أكثر خطورة فمن يوقف ،"ياسمين" التي تُحرض على العنف ضد المرأة، ضد نفسها؟ لا يمكننا خوض أي معركة رقمية سوى نشر مقالات ومنشورات تحت وسم اسمها نطالب بوقف ما يجري، منذ أيام وبعد حملات هائلة حظر موقع تيك-توك وفيسبوك وانستغرام ويوتيوب أندرو تيت بسبب تصريحاته الكارهة للنساء والمحرضة على العنف ضدهم. ربما المعركة مع "ياسمين" ستكون أطول بما أنها تطل على شاشة تلفزيونية يشاهدها الملايين، لا يمكن حظرها أو التبليغ عنها لمنع لمنع البثّ الذي يستمر لأكثر من ساعة تُقتل خلال هذه الساعة 11 امرأة أو فتاة في الدقيقة الواحدة على يد أحد أفراد أسرتها عالمياً، وفق المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. فهل تعرف ،”ياسمين” ما يفعله سي السيّد خارج الاستديو الخاص بها؟
بثقة كاملة تظهر المذيعة على الشاشة تؤنبنا وتصوّب على "أخطائنا" نحن النساء اللواتي لا نخضع لرجالنا ونرفض أن نضرب، تحاول إقناعنا بأنه لا بأس لو تمّت خيانتنا، وأنه لا يمكننا الاستمرار بلا رجل، وأننا يجب أن نتقبل كل ما يفعله لنحافظ على "قطعة الآثار تلك" .
هل تعرف ياسمين كم عدد ضحايا العنف الأسري في الوطن العربي؟ على أحدهم\إحداهن أن يرفق ورقة بأرقام وأسماء النساء اللواتي قتلن في منازل أزواجهن وآبائهن وإخوتهن مع النص الذي تُعدّه لتطل علينا وتهيننا جميعاً، فهل تعرف ياسمين شيء عن معاناة النساء في بلادها؟ هل تعرف ما يفعله الصمت؟ وما يكلف النساء حين تقلن نعم بينما تردن قول لا؟ إليها هذه الأرقام. إن جرائم القتل التي استهدفت النساء والفتيات في مصر خلال عام 2020 بلغ عددها 72 جريمة من بينها 54 جريمة تمت على يد شخص من الأسرة بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وفي التقرير السنوي لمرصد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي لعام 2021 سجل هذا النوع من الجرائم 813 جريمة وذلك إسناداً على تصريحات النيابة العامة وما تنشره الصحف والإعلام. بالطبع هذه النسب غير دقيقة وهناك أكثر وأكثر فإن نسب الجرائم المرتبطة بالعنف ضد المرأة والتي تنشرها منظمات حقوقية في الدول العربية تبقى بعيدة عن الواقع، لأن العديد من النساء اللواتي تعرضن للعنف لا يشتكين لأسباب عائلية أو لخشيتهن من الانتقام أو تدفن معهن قصصهن تحت حجة الموت الطبيعي.
ضربنا ليس مادة خامة للضحك
الغريب في كل هذا أن كل ما تقوله المذيعة يتحول إلى ميم عبر مواقع التواصل الاجتماعي،وهذا يساهم في انتشارها أكثر. لكن لا.لا يمكن أن تتحوّل قضايا النساء إلى نقاشِ تافه . يمكننا أن نلاحظ كمية السخرية من أفكار ياسمين في التعليقات. ولكن قلة من هاجموا خطابها من منظور معادِ للذكورية، الغريب أن الحملة ضدها بدأت بشكل أوضح بعد تصريح حمل بعض الإيحاءات الجنسية، والتي قالت فيه " كتاف الراجل في الدنيا ما بالك ب ..الحاجات التانية" قبل هذا التصريح خطابها كان مادة دسمة للضحك ولم يغضب كُثر، لكن تصريحها ذاك أغضب شرطة الأخلاق أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي وعندها فقط وجدت أحدهم يقول "أوقفوا هذا البرنامج"،قبل هذا لم يطالب كثيرون بإيقاف البرنامج بسبب التحريض على النساء، اليوم وبعد تصريحها ذاك لم يحتمل أحد.
تتصدَّر في العادة جرائم قتل النساء عناوين الصحف في مصر لفترة قصيرة فقط، ثم تعود البلاد إلى سابق عهدها، لا تنتهي الجرائم ويبرر قتل النساء ويتم إيقاع اللوم على الضحية أحياناً .والآن يحدث ما هو أكثر لا تأتي من تُحرّض على قتلنا وهي تضع أحمر شفاه وتبتسم. لا نطلب من ياسمين أن تكون نسوية.ولكن لا يمكننا أن نتجاهل مثل هذا خطاب بحجة "الجمهور عايز كده" لا مجال للانحياز لفقاعة الترند لأن هذا قد يكلفنا حياتنا، لا يريد الجمهور مزيداً من الجهل ولا لسنا توّاقين لعصر الجاهلية. نريد إعلاماً لا يضعف جهودنا بل يساندنا في مكافحة العنف ضد النساء والفتيات. على الإعلام ممارسة الرقابة على نفسه أيضاً، على mbc أن تفعل ذلك، المتلقي يأخذ ما تقدمه له ينسجم حتى مع الخطأ لا يمكن التعويل على جهاز التحكم في حثه على تغيير المحطة، بسبب الفضول جميعنا قد نشاهد ما تقوله السيدة عز فكيف سيكون تأثيرها خاصة على من علّق "وشهد شاهد من أهلها" بمعنى أن ياسمين واحدة من النساء ويمكن الاستشهاد بها . لا ! نحن الجمهور ولا مش عايزين كده ولا ندعو أحد أن يكون نسوياً، ولكن توقفوا عن جعل الذكورية والعنف خياراً.